تخيّل علاجًا للبواسير لا يحتاج إلى شقوق كبيرة، ولا غرز ظاهرة، ولا شهور من الراحة المؤلمة بل إجراء قصيرًا دقيقًا يسمح لك بالعودة إلى حياتك الطبيعية خلال أيام.
هذا الوعد لم يعد خيالًا طبيًا، بل واقعًا مع تقنيات الليزر التي غيّرت ملامح علاج البواسير؛ إذ قدّمت بديلاً أقل ألمًا، أسرع شفاءً، وأكثر أمانًا من العمليات التقليدية في كثير من الحالات.
في هذا المقال سنشرح بالتفصيل ما هي البواسير، متى تحتاج لعلاج، كيف يعمل الليزر، مميزاته ومضاعفاته المحتملة، ونقارنه بالجراحة التقليدية حتى تستطيع اتخاذ قرار مستنير مع طبيبك.
ما هي البواسير وأسبابها؟
البواسير هي توسّع في أوردة منطقة الشرج والمستقيم تشبه الدوالي، وتظهر داخل القناة الشرجية أو خارج فتحة الشرج.
أسبابها الشائعة تشمل:
الإمساك المزمن والإجهاد أثناء التبرز.
الجلوس لفترات طويلة، خصوصًا على أسطح صلبة.
الحمل والولادة بسبب الضغط والهرمونات.
السمنة ورفع الأحمال الثقيلة.
قلة الألياف في النظام الغذائي وقلة شرب الماء.
تتدرج البواسير من درجات بسيطة لا تسبب سوى نزيف خفيف، إلى درجات متقدمة تسبب ألمًا شديدًا وخروجًا واضحًا للكتل الباسورية.
أعراض البواسير ومتى يجب زيارة الطبيب؟
تمل أهم الأعراض الشائعة ما يلي:
نزيف بسيط أحمر فاتح عند التبرز.
ألم أو انزعاج حول فتحة الشرج (أكثر في البواسير الخارجية أو المحتبسة).
حكة والتهاب في المنطقة.
الشعور بوجود كتلة أو “انتفاخ” يخرج من فتحة الشرج (في البواسير المتدلية).
متى تزور الطبيب؟
عند وجود نزيف متكرر أو ألم شديد.
عند ملاحظة إفرازات أو تغير في لون البراز.
إذا استمرت الأعراض رغم العلاجات المنزلية لأكثر من أسبوعين.
عند وجود ضعف عام أو فقدان وزن غير مفسر (لتقصي أسباب أخرى).
الفحص المبكر مهم لأن بعض الأعراض قد تشبه أمراضًا أخرى تتطلب تقييمًا مختلفًا.
ما هو علاج البواسير بالليزر؟
علاج البواسير بالليزر يشمل عدة تقنيات تعتمد على توجيه طاقة حرارية مركزة لإحداث تغيير في الأنسجة، ومن أشهرها:
الكيّ بالليزر: يُستخدم لضم الأوردة وتصغيرها.
الاستئصال بالليزر: لإزالة الباسور الخارجي بدقة مع تقليل النزيف.
تقنيات مغلقة داخلية (مثل الليزر الداخلي أو RBL-Laser hybrid) لعلاج البواسير الداخلية دون جرح خارجي كبير.
الإجراء عادةً يُجرى تحت تخدير موضعي أو نصفي، يستغرق من 15 إلى 45 دقيقة حسب الحالة. يدخل الطبيب أداة رفيعة تنقل شعاع الليزر إلى مكان الباسور، ويُعطي دفعات طاقة دقيقة تقوم بتقلص الأوعية واحتجاز الأنسجة الممرضة حتى تتقلص وتلتئم.
مميزات علاج البواسير بالليزر
ألم أقل بعد العملية: لأن الليزر يقلل من الضرر للأنسجة المحيطة ويطبّق طاقة ضاغطة/مغلفة دقيقة.
نزيف محدود جدًا أثناء الإجراء بفضل قدرة الليزر على كي الأوعية.
دقة عالية تقلل فقدان الأنسجة السليمة.
سرعة تعافي؛ يمكن للمرضى غالبًا العودة للأنشطة اليومية خلال أيام.
ندوب أقل/نتائج تجميلية أفضل مقارنة بالشقوق التقليدية.
قلة احتمال حدوث سلس شرجي لأن العضلات لا تُقطع عادة.
إجراء قابل للتكرار إذا استدعى الحال ذلك.
هذه الميزات تجعل الليزر خيارًا مفضلًا لمَن يبحثون عن علاج فعال مع أقل إزعاج ووقت نقاهة.
الفرق بين الليزر والجراحة لعلاج البواسير
طريقة العلاج: الجراحة التقليدية (Hemorrhoidectomy) تتطلب شقًا وإزالة الأنسجة، أما الليزر فيعالج أو يزيل الأنسجة عبر طاقة مركزة دون شق كبير.
الألم ومدة النقاهة: الجراحة عادةً مؤلمة وتحتاج أسابيع للتعافي، بينما الليزر أقل ألمًا ووقت النقاهة أيامًا.
النزيف أثناء الإجراء: أعلى في الجراحة، بينما الليزر يكّوي الأوعية ويقلل النزف.
خطر السلس: أعلى قليلًا بعد جراحات واسعة قد تقطع جزءًا من العضلات، بينما الليزر يحافظ على العضلات غالبًا.
الكلفة: الجراحة غالبًا أقل تكلفة مبدئيًا، لكن الليزر يوفر وقتًا في الإجازات وتقليل المضاعفات، ما يجعله اقتصادياً على المدى المتوسط في حالات محددة.
متى تختار كل منهما؟
الليزر مناسب للدرجات المبكرة إلى المتوسطة، والأورام الباسورية الداخلية والخارجية غير المعقّدة.
الجراحة تبقى الخيار للحالات الكبيرة جداً أو المحتبسة أو عندما تكون البنية التشريحية معقدة أو عند فشل العلاجات الأخرى.
نسبة نجاح علاج البواسير بالليزر
تختلف النسب بحسب نوع التقنية وخبرة الفريق الطبي ودرجة البواسير، لكن نطاق النجاح في العديد من الدراسات والتقارير السريرية يتراوح تقريبًا بين 80% إلى 95% للحالات المناسبة للعلاج بالليزر.
مهم أن نوضح أن:
النجاح يعتمد على تشخيص مناسب، وخبرة الجراح، واتباع تعليمات ما بعد العملية.
بعض الحالات بحاجة لزيارة أو جلسة متابعة أو دمج أساليب علاجية أخرى لتحقيق أفضل نتيجة.
مدة التعافي بعد علاج البواسير بالليزر
معظم المرضى يعودون لممارسة أنشطتهم اليومية الخفيفة خلال 2 إلى 5 أيام.
الألم يصبح طفيفًا ويتحسن خلال أيام إلى أسبوعين.
التئام الأنسجة والنتيجة النهائية قد تأخذ أسابيع قليلة، لكن التحسن الواضح يظهر سريعًا.
يُنصح بتجنّب الإجهاد والحمّامات الساخنة المفرطة والجلوس الطويل في الأيام الأولى، واتباع نظام غذائي غني بالألياف لتجنب الإمساك.
تكلفة علاج البواسير بالليزر
تختلف التكلفة حسب:
البلد والمركز الطبي.
خبرة الطبيب ونوع الجهاز المستخدم.
حاجة المريض لإجراءات إضافية أو تخدير خاص.
بشكل عام، قد تكون تكلفة الليزر أعلى من الجراحة التقليدية مبدئيًا، لكن يجب موازنة ذلك مع سرعة التعافي وقلة الأيام المرضية وقلة المضاعفات المحتملة. يُنصح دائمًا بالحصول على تقدير تكلفة مفصل من المركز الطبي قبل الإجراء.
أضرار علاج البواسير بالليزر
رغم أن التقنية آمنة، فقد تحدث مضاعفات نادرة مثل:
ألم أو انزعاج مؤقت بعد الإجراء.
التهاب محلي أو عدوى بسيطة (قابلة للعلاج بالمضادات).
نزيف خفيف مؤقت.
فشل جزئي أو تكرار الأعراض في حالات متقدمة أو متعدد الفروع.
لتقليل المخاطر: اختر طبيبًا متمرسًا، واتباع تعليماته بعد العملية والمراجعات الدورية.
أفضل دكتور لعلاج البواسير بالليزر
عند اختيار الطبيب احرص أن يكون:
استشاري جراحة عامة أو جراح جهاز هضمي متخصص في أمراض الشرج والقولون.
لديه خبرة مثبتة في تقنيات الليزر ونتائج موثقة.
يعمل في مركز مجهز بأجهزة حديثة وخدمات متابعة ما بعد العملية.
يقدم تقييمًا شاملًا (فحص سريري وربما منظار) قبل التوصية بالإجراء.
الاستعلام عن تجارب مرضى سابقين وطلب صور لحالات علاجية (قبل/بعد) يساعد في اتخاذ القرار.
نصائح بعد علاج البواسير بالليزر
اتبع تعليمات الطبيب بدقة حول الأدوية والعناية المحلية.
حافظ على تليين البراز بتناول ألياف ومكملات إذا وُصفت.
اشرب كميات كافية من الماء يوميًا.
تجنّب الإمساك والجهد أثناء التبرز؛ استخدم مقاعد حمام مريحة.
قِلّل الجلوس الطويل، ومارس المشي الخفيف لتحسين الدورة الدموية.
راجع الطبيب عند أي نزيف غير متوقع أو ألم متزايد أو حرارة محلية.
ختامًا فإن الليزر فتح بابًا جديدًا لعلاج البواسير طريقًا أسرع، أقل ألمًا، وأكثر رحمة بجودة حياة المريض. لكنه ليس حلًّا سحريًا لكل الحالات؛ فالتقييم السليم واختيار الطريقة الأنسب لكل مريض يظلان الأساس.
إن كنت تعاني من أعراض بواسير مستمرة أو متكررة، استشر طبيبًا متخصصًا؛ سيُقيّم حالتك ويقدّم لك الخيار الأمثل وربما تكون جلسة ليزر قصيرة هي بداية العودة لحياة أكثر راحة بدون ألم وقلق.
